قال : منذ سنة ونصف السنة تقريباً أعاني من نقص السمع في أذني اليمنى، استشرت الطبيب في الموضوع فأجرى لي تخطيطاً في الجهتين من الرأس فتبين أن لدي مشكلة في العصب السمعي، طلبت منه أن يصف لي دواء فرد أن لا دواء لهذه المشكلة، كما فهمت أن لا عملية أيضاً تستطيع إعادة السمع في الأذن الى المستوى الطبيعي، وقال لي إن الحل هو في وضع جهاز لتقوية السمع...
- عانيت من نقص في السمع إضافة الى الطنين ومن الدوار الشديد الذي يرافقه إحساس مزعج بالغثيان والتقيؤ، تستمر هذه العوارض دقائق وأحياناً أكثر من ساعة. ذهبت الى المستشفى عارضاً معاناتي هذه فأخضعوني الى مجموعة من الفحوص الطبية. وبعد أيام من اقامتي في المستشفى قالوا لي إنني مصاب بمرض منيير...
- لاحظت أن طفلي البالغ من العمر 8 سنوات لا يسمع جيداً مثل أخوته، وعندما عاينه الطبيب وجد أن لديه ثقباً في غشاء الطبلة في الأذنين كلتيهما، ولدى سؤالي للطبيب عن الحل قال إن ذلك يتم بترقيع الغشاء المثقوب بقطعة تجلب من الجلد خلف الأذن...
- عندما نتناول أطراف الحديث مع والدي البالغ من العمر 70 سنة يطلب منا أن نكرر ما قلناه له، وإذا طلبنا منه ضرورة أن يستشير الطبيب المختص في الأذن لأنه لا يسمع جيداً يسخر منا ويقول تارة إننا لا نلفظ الكلام جيداً وطوراً أن السبب هو تقدمه في السن، وبعد إلحاح وافق على اقتراحنا بمراجعة الطبيب. خضع للفحوص السمعية وأجري له مسح طبقي كشف وجود ورم في العصب السمعي...
إن نقص السمع أو الطرش الجزئي عارض وليس مرضاً وهو منتشر كثيراً، ويصيب الصغار والكبار، وفي الولايات المتحدة مثلاً يصيب نقص السمع خمسة في المئة من السكان لترتفع هذه النسبة الى حوالى العشرين في المئة عند المتقدمين في السن. ولكي نفهم هذا العارض لا بد من كلمة عاجلة عنه. فالسمع يحصل نتيجة شراكة فاعلة يتألف أعضاؤها من الأذن الخارجية، والأذن الوسطى، والأذن الداخلية، والعصب السمعي، والدماغ.
فصيوان الأذن يجمع الأمواج الصوتية ليصدرها الى مجرى السمع في الأذن الوسطى، فتصطدم هذه الأمواج بغشاء الطبلة فتهتز عظيمات السمع الثلاث المطرقة والسندان والركابة، وبعد ذلك تتلقف الأذن الداخلية هذه الاهتزازات الهوائية محولة إياها الى اهتزازات سائلة تحولها الخلايا ذات الأهداب تنبيهات عصبية تنساب عبر العصب السمعي الى مركز السمع في المخ.
إذاً الصوت يقوم بمشوار بدايته في الأذن الخارجية مروراً بالأذن الوسطى ومن ثم الأذن الداخلية فالعصب السمعي لينتهي في مركز الســمع. ان اي عرقلة للصوت خلال هذا المــشوار ســينتج منه نقص في الســمع يكون إما خفيفاً أو متوســطاً أو شــديداً.
وفي شكل عام يصنف نقص السمع في نوعين هما: نقص الــسمع التوصيلي، ونقص السمع الاستقبالي وفي إمكان الطبيب ان يميز بسهولة بين النوعين عبر قيامه بعدد من الفحوص البسيطة، وهذا التمييز مهم للغاية لأن نقص السمع التوصيلي يمكن شفاؤه دوائياً أو جراحياً، في حين ان غالبية الأسباب التي تؤدي الى نقص الــسمع الاستقبالي لا يمكن إصلاحها.
نقص السمع التوصيلي
وينتج هذا النقص عن خلل في الأجزاء المسؤولة عن نقل الاهتزازات الصوتية، أي تلك الواقعة في الأذن الخارجية والأذن الوسطى. ومن الأسباب التي تقف وراء نقص السمع التوصيلي:
- التهابات الأذن الحادة والمزمنة الشائعة في مرحلة الطفولة.
- انسداد مجرى السمع بعوامل مختلفة مثل السدادة الصملاخية، والتهاب الجلد المبطن لمجرى الأذن وتورمه، ووجود جسم أجنبي في المجرى.
- انثقاب طبلة الأذن نتيجة التهاب أو بسبب انفجار قوي، أو بسبب صفعة قوية على الأذن، أو إثر رض مباشر.
- انسداد قناة اوستاكوس (اوستاش) بسبب تضخم الناميات الغدية، أو الالتهاب التحسسي، او سرطان البلعوم الأنفي، أو انشقاق شراع الحنك.
- الاستحالة الإسفنجية في الأذن الوسطى، وفيه تتصلب عظمة الركابة فلا تهتز لتنقل الصوت.
- الأمراض الوراثية، التي كثيراً ما تترافق مع نقص سمع توصيلي.
نقص السمع الاستقبالي
وينتج من إصابة تقع في الأجزاء التي تستضيف الاهتزازات الصوتية أي الأذن الداخلية والعصب السمعي، والجملة العصبية المركزية. ومن أهم أسباب نقص السمع الإستقبالي:
- الرضوض الصوتية القوية الناتجة من دوي الانفجارات، الحربية وغير الحربية، وأصوات المدفعية، والضجيج المستمر للمطارات.
- التشوهات الخلقية الناتجة من الأمراض الوراثية، وأمراض الحمل، وتناول الأم للأدوية، وعسرة الولادة، وأمراض الطفولة الباكرة كالحصبة والنكاف والتهاب السحايا.
- التسممات الدوائية والكحولية والتدخين.
- الالتهاب الفيروسي أو انفجار أحد الأوعية الدموية.
- رضوض الجمجمة خصوصاً عظم الصخرة.
- ورم العصب السمعي، وهو ورم حميد يؤدي الى نقص السمع والطنين والدوار.
- داء منيير، الذي يطاول الأذن الداخلية، وفيه يزداد ضغط السائل في دهاليز الأذن لأسباب ما زالت غير معروفة. وأهم عوارض الداء الدوار ونقص السمع.
- نقص السمع الشيخي الذي ينتج من الاستحالة في خلايا العصب السمعي أو في الجملة العصبية المركزية أو في الخلايا الهدبية للأذن الداخلية.
وفي المختصر، ان نقص السمع عارض يشكو منه الكثيرون، وتأثيره يختلف من شخص الى آخر، وفي حين ان النقص البسيط لا يؤثر على المصابين به فتراهم يعيشون حياتهم في شكل طبيعي كغيرهم من الناس، في المقابل يؤدي النقص الشديد الى صعوبات جمة لأولئك المبتلين به جاعلاً حياتهم صعبة للغاية.
وطبعاً هناك من يعاني من نقص سمع شديد ومع هذا لا يمنعهم من أن يكونوا عباقرة، مثل بيتهوفن الذي أبدع في شيء هو أحوج ما يكون فيه للسمع ألا وهو الموسيقى، فالروايات تقول عندما اشتد نقص السمع لديه كان يقوم بالاستماع الى معزوفاته وألحانه من طريق مسطرة يضع أحد طرفيها بين أسنانه والطرف الآخر على البيانو. هل تعرفون أي نوع من نقص السمع عانى منه الملحن العظيم؟ انه نقص السمع التوصيلي لأنه تمكن من الإصغاء الى ألحــانه من طريق أســنانه وعظام جمجمته.
إن قــلة قلــيلة من الناس يــهتمون بنــقص الســمع، والــغالبية لا يتكرثون به الا بعد فــوات الأوان، من هنا وحتى لا نصل الى الطريق المــسدود، في إمكان كل شخص ان يــقوم بنفــسه بإجراء الــتحريات المناسبة لتقويم الــسمع من طــريق الأســئلة الآتــية:
1- هل تسمع في أذن أكثر من الأخرى؟
2- هل لديك ميل دائم لتقوية صوت جهاز التلفزيون أو المذياع؟
3- هل تشعر بانسداد في إحدى الأذنين أو كلتيهما؟
4- هل تطلب من متحدثيك إعادة ما سمعته منهم؟
5- هل تفاجأ بوصول أحد الأشخاض من الخلف لعدم سماعك وقعات قدميه؟
6- عندما يهمس لك أحدهم هل تسمع الهمس في أذن أكثر من زميلتها؟
7- هل يصدف ان يلفت أحدهم انتباهك الى صوت سمعه هو ولم تسمعه أنت؟
8- هل تسمع تكتكات الساعة بوضوح عند تقريبها من أذنيك؟
9- هل سمعك أقل من سمع أقرانك في وسط مملوء بالضجيج؟
إذا أجبت إيجاباًَ على واحد أو أكثر من هذه الأسئلة الهادفة فلا تتردد في ضرب موعد عاجل مع الطبيب المختص